مع اقتراب موجة البرد والأمطار التي من المنتظر أن تشهدها بلادنا في الفترة القادمة، تعمل السلطات على التخفيف من وطأة وتفادي الكوارث الطبيعية خاصة في المناطق الغربية التي تنخفض فيها درجات الحرارة وتشهد تساقط الثلوج وفيضان الأودية، وعادة ما تستبق السلطات الجهوية والمركزية الكوارث الطبيعية بتحذير السكان.
وتنعقد اللجان المحلية لمجابهة الكوارث بعدد من الجهات على غرار جندوبة والقصرين وباجة وسليانة والكاف بشكل مستمر تحسبا لأي طارئ، وفي هذا السياق أصدر المعهد الوطني للرصد الجوي أمس نشرة تحذيرية أكد فيها أن الطقس سيكون شتويا بامتياز خلال الايام القليلة القادمة حيث ستكون الرياح القوية ابرز ملامحه خصوصا بالمرتفعات والمناطق الساحلية، وأفاد المعهد في بلاغ نشره على صفحته الرسمية على الفايسبوك، بأن النشرات التحذيرية سارية المفعول بالنسبة للملاحة والصيد البحري والبحر هائج إلى شديد الهيجان، في حين تكون مؤشرات الأمطار المتفرقة والتي تكتسي صبغة رعدية متواصلة بالشمال ومحليا الوسط والجنوب وأعلى الكميات يتوقع تسجيلها بولايات بنزرت وباجة وجندوبة حيث تكون غزيرة أحيانا، مع انخفاض مرتقب في درجات الحرارة.
وتحسبا لموجة البرد المرتقبة لا سيما الإجراءات المزمع اتخاذها في حال تساقط الثلوج وانعزال بعض المناطق، أكدت جل الهياكل المعنية جاهزية اللجان الجهوية للتصدي لاي مخاطر، والتوقي من الكوارث الطبيعية وتنظيم النجدة لفك العزلة على بعض التجمعات السكنية، خاصة وأن درجات الحرارة ستنخفض بالمناطق المرتفعة، كما أن اللجان الجهوية لمجابهة الكوارث تبقى في حالة في انعقاد دائم منذ اصدار التحذيرات من المعهد الوطني للرصد الجوي بخصوص التقلبات الجوية المنتظرة وتم اتخاذ جملة من الاجراءات العاجلة لفائدة كل المناطق التي من المنتظر أن تشهد تساقط الثلوج.
اجراءات ومساعدات
وفي هذا السياق انطلق الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي في توزيع المساعدات على العائلات المعوزة وذلك في اطار البرنامج الوطني لمجابهة موجة البرد الذي يستهدف 10 آلاف عائلة محدودة الدخل القاطنة بالمناطق الريفية والجبلية والحدودية والاحياء الشعبية، وتتمثل المساعدات في ملابس شتوية (300 ألف قطعة) ومواد غذائية (200 طن) واحذية (41 الف زوج حذاء)، فضلا عن اغطية صوفية (25 ألف غطاء)، وتقدر قيمة المساعدات التي سيتم توزيعها في اطار هذا البرنامج، الذي يتم بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية وبالشراكة مع الديوانة التونسية، بـ 3ملايين و220 ألف دينار تساهم مصالح الديوانة فيها بقيمة مليون و340 الف دينار من المحجوزات الديوانية والتمويل العمومي بقيمة 880 ألف دينار.
من جهتها أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية، حرصها على ايصال المساعدات الى مستحقيها استنادا على السجلات المحينة للوزارة، التي تتضمن 285 الف عائلة معوزة، وكذلك بالاعتماد على الاخصائيين الاجتماعيين في رصد الحالات التي تستحق المساعدة، و يذكر أن الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي، قدم خلال الفترة المتراوحة بين شهر سبتمبر المنقضي الى حدود 15 نوفمبر من السنة الجارية، ضمن برنامجه الخاص بالتقلبات المناخية وموجة البرد، 77 طنا من المواد الغذائية و5700 غطاء من الاغطية الصوفية و1500 من الحشايا و6700 زوج حذاء و48000 قطعة ملابس.
وتنفذ تونس برنامجا وطنيا خاصا بموجة البرد والأمطار يشرف عليه الاتحاد التونسي للضمان الاجتماعي كان في السابق يشمل 10 ولايات فقط مصنفة نقاطا سوداء بخصوص تقلبات الطقس،وتم تعميم هذا البرنامج منذ ديسمبر 2017 ليشمل كل الولايات، ويتولى الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي تطبيق البرنامج الوطني لفصل الشتاء، الذي ينطلق في شهر ديسمبر من كل سنة في إطار الاستعداد لموجة البرد، من خلال توزيع مساعدات وتكثيف القافلات الإنسانية والمساعدات التي تشمل أغلب الولايات، وتبقى والأولوية للشمال الغربي والمناطق الحدودية التي تعتبر الظروف المناخية فيها أصعب، كما أن العديد من العائلات تعاني من نقص الأغطية ووسائل التدفئة، وبالاضافة إلى المساعدات الثابتة واليومية، فإن هناك مساعدات ظرفية تسند لمحتاجيها كلما طرأت مستجدات بسبب الظروف المناخية، كالفيضانات والثلوج، ويتم التنسيق مع المعتمديات التي تتولى تحديد قائمة العائلات المعوزة، التي تعيش في مساكن غير مهيأة لاستقبال فصل الشتاء، في بعض المناطق الحدودية وأغلب ظروف قاطنيها صعبة،وأغلب هذه العائلات لا يمكنها توفير مستلزمات بسيطة كالأغطية ووسائل التدفئة، و على الرغم من وجود آلاف الجمعيات التي تعنى بالشأن الاجتماعي في تونس، فإن المساعدات التي تقدمها تبقى محدودة، ولا تعالج المشكلة من جذورها، و لا توفر ما تحتاج إليه هذه الأسر المعدمة والفقيرة، اضافة إلى غياب التنسيق بين الجمعيات والسلطات المسؤولة،
وبالإضافة إلى هذه الفئات، فإن هناك أيضا من يعيشون في الشارع، أي من دون مأوى، وعددهم في ارتفاع، وتشير آخر الاحصاءات إلى وجود أكثر من 3 آلاف مشرد في مختلف الولايات، و ارتفعت هذه النسبة في ظل غلاء المعيشة وتدهور الظروف الاجتماعية، ومن بينهم أطفال ومسنين، وأغلبهم ينامون في المحطات والشوارع، ويكونون عرضة للبرد والتقلبات المناخية.
وفي انتظار موجة البرد الأمطار المترقبة خلال الأيام القليلة القادمة، ورغم الكم الهائل من القرارات والاجراءات التي اتخذتها السلطات الجهوية والمركزية لمجابهة هذه الموجة، فان الواقع عادة ما يكون عكس الانتظارات وهو ما أثبتته التجارب السابقة في التعامل مع التقلبات الجوية، ونأمل أن تكون جملة الاجراءات المتخذة كفيلة بتجنيب المواطنين في المناطق الصعبة ويل البرد والفيضانات والثلوج.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.