صمّمت أربع مهندسات تونسيات كرسيّا متحركا يُمكن التحكم فيه بواسطة الموجات الدماغية والصوت وحركات الوجه، ومكنهنّ هذا الاختراع من أن يُتوَّجن بين الفرق الفائزة في مسابقة أوروبية مرموقة.
والتقت المخترعات الأربع على مقاعد الدراسة بالمعهد العالي للعلوم الطبية في تونس، وجمعهن طموح الشباب فطوّرن النموذج الأولي لتطبيقهنّ “موفوبرين” Moovobrain اعتبارًا من عام 2017.
وحلّت الفتيات ضمن الفائزين الثلاثة الذين اختارهم “المرصد الأوروبي لبراءات الاختراع” (EPO)، وهي هيئة حكومية دولية، من بين أكثر من 550 مرشحًا لجائزة المخترعين الشباب.
وستوزّع الجوائز في مطلع شهر جويلية المقبل.
وكان مصدر الإلهام من مطوّرة الأعمال المشارِكة في تأسيس الشركة سُليمة بن تميم (28 عاما) التي اضطر عمّها بعد تعرّضه لحادث خطير إلى استخدام كرسي متحرك بعد أن أصيب الجزء العلوي من جسمه بالشلل. وتشرح بن تميم لوكالة فرانس برس أنّه “أصبح معتمدا بشكل كامل على الآخرين”. وتضيف “تحدثت مع زميلاتي عن الاحتياجات، وقرّرنا توظيف تقنيات الصحة الرقمية التي نتقنها لصنع مُنتَج يمكن أن يفيد الكثير من الناس”.
وتؤكّد خولة بن أحمد (28 عامًا) التي شاركت في التأسيس وتتولى الإدارة، خلال عرض توضيحي لهذا الاختراع في تونس، أن “أي حركة، حتى طلب الاستدارة نحو التلفزيون، يمكن أن تصبح مشكلة مرهقة جداً نفسياً للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على التنقل”، إذ كانوا “لا يستطيعون التحدث، ولم تعد لديهم أي استقلالية”.
وتوضح أنّ “القيمة المضافة” لهذا الاختراع مقارنة بالموجود، تكمن في توفيره “أربعة حلول في حل واحد، هي التحكم عن بعد عبر لوحة كمبيوتر، وأيضًا من دون تحريك اليدين بالتحكم عبر الصوت، وإذا لم يكن الصوت متاحاً فبالإمكان الاستعانة بحركات الوجه أو ببساطة عن طريق التفكير” من خلال موجات الدماغ.
ويمكّن التطبيق أيضًا مساعدي الأشخاص ذوي الإعاقة من تلقي تنبيهات بناءً على التموضع ومستوى شحن بطاريات الكرسي أو الأدوات الأخرى مثل سماعة إرسال الموجات الدماغية.
وتعتبر خولة أن وصول الفريق إلى نهائي جائزة المخترعين الشباب سيساهم في إبراز ما حققه الفريق الرباعي ويوفّر له “الصدقية”، إذ “ليس من السهل دائمًا إقناع المستثمرين أو مصنعي الكراسي بأن حلاً ما مبتكَر حقًا ومفيد للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة”.
وسيتم الإعلان عن الفائزين بجائزة المخرعين الشباب Young Inventors Prize للسنة 2024، التي تكافئ “المخترعين الاستثنائيين الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عامًا”، في التاسع من جويلية في مالطا، وتبلغ قيمة الجائزة الأولى 20 ألف أورو والثانية عشرة آلاف والثالثة خمسة الاف، على ما أفاد المكتب الأوروبي للبراءات في بيان.
وهذه هي “المرة الأولى التي يصل فيها فريق تونسي وعربي إلى المرحلة النهائية” لهذه المسابقة الدولية التي انطلقت في العام 2021، وفقا للمكتب الأوروبي للبراءات الذي سيمنح جائزة المخترع الأوروبي المرموقة في اليوم نفسه.
ولجمع أربع تقنيات في تطبيق واحد، وظفت كل مهندسة من الفريق معرفتها. فخولة تخصصت في ربط “واجهة الآلة بالدماغ” وسُليمة وسيرين العياري (28 عاما) كُلفتا بالجزء المتعلق “بتطوير التطبيق والبرمجية”، في حين تولّت غفران العياري، أصغر المخترعات (27 عاما) محور التعريف الصوتي.
وتؤكد خولة بن أحمد أنّ كون الفريق مؤلفاً من أربع نساء شكّل “ميزة” لهذا المشروع “لأننا شاركنا في تحديات للنساء، وحصلنا على تمويل لرائدات الأعمال”، مشيرة إلى أنّ النساء يمثّلن نسبة تفوق 44% من المهندسين في تونس.
وترى المهندسات أنّه من الممكن جعل هذه التكنولوجيا في متناول أكبر عدد ممكن من الناس، بما في ذلك في البلدان النامية، مع أنّ كلّ كرسي ذكي يكلّف نحو سبعة آلاف دينار (قرابة ألفَي أورو).
وتختم بن أحمد بالقول: “أعددنا 30 وحدة، ولم نفكر في أنّ المستخدم هو الذي سيدفع ثمنها، ولكن المنظّمات التي تدعم الجمعيات ستكون قادرة على شراء الكراسي”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.