النص للأستاذ محمد ضيف الله من كتاب “مواقع من الذاكرة الوطنية (تونس 1881-2014)”، المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر ومركز النشرالجامعي، تحت اشراف أ.عميره عليّه الصغيّر
“ولد محمد بن صالح الدغباجي عام 1885 بوادي الزيتون الذي يبعد عن الحامة بحوالي 30 كلم. وفي 1907 التحق بالجيش الفرنسي ليقضي ثلاث سنوات في الجندية، عاد إثرها إلى مسقط رأسه وتزوج من إحدى قريباته.
وفي 1913 عاد من جديد إلى الخدمة العسكرية. وعندما اندلعت ثورة الجنوب في 1915 أرسلته القوات الفرنسية إلى مركز الذهيبة على الحدود الليبيّة، لكنه ما لبث أن فرّ من الجندية ليلتحق بالثوار تحت قيادة خليفة بن عسكر النالوتي، وخاض معه معارك ضدّ القوات الإيطالية والفرنسية.
وفي 1919 عاد إلى تونس ليخوض مع مجموعات من رفاقه عدة معارك ضدّ القوات الفرنسية، خلّدها وتغنّى بها الشعر الشعبي. وفي أواسط 1920 التحق محمد الدغباجي من جديد بخليفة بن عسكر بالأراضي الطرابلسية، وفي الأثناء صدر بشأنه حكم غيابي بالإعدام بتاريخ 27 أفريل 1921.
وفي ماي 1922 ألقي عليّه القبض وسلمته السلطات الإيطالية إلى فرنسا، فأعيدت محاكمته وأقرّت المحكمة الحكم الغيابي الصادر ضده بالإعدام. ولتتحدّى الأهالي وتلحق بهم الرعب قرّرت السلطات الفرنسية إعدامه رميا بالرصاص بينهم، فتمّ نقله إلى الحامة وأعدم يوم السبت 1 مارس 1924 وتحديدا شرقيّ ساحة السوق حيث تقع سوق الصناعات التقليدية حاليا.
ويروى أنّ الدغباجي رفض قبيل التنفيذ وضع العصابة على عينيه، وهو ما دفع زوجة أبيه إلى الزغردة، فأجابها قائلا قولته الشهيرة : “لا تخشي علي يا أمي فإني لا أخاف رصاص الأعداء، ولا أجزع في سبيل عزة وطني… الله أكبر ولله الحمد”.
وخلد الشعر الشعبي ملحمة الدغباجي، ومن ذلك القصيدة التي يقول مطلعها:
الخَمْسَه اللِّي لِحْقُوا بِالجُرَّه * ومَلْك المُوت يرَاجِي
لِحْقُوا مُولَى العَرْكَه المُرَّه * المَشْهُـــــــور الدَّغْبَاجِي
وفي المكان الذي نفذ فيه حكم الإعدام أقيم نصب تذكاري كان عبارة عن مكعّب اسمنتي، ثم وقعت استعاضته بتمثال كامل لمحمد الدغباجي أقامته بلدية الحامة على بعد بضعة أمتار غربيّ مكان التنفيذ الذي يقع قريبا من الطريق الرئيسية التي يشق مدينة الحامة، وفي قاعدة التمثال أثبتت نقيشة رخامية هذا نصها: “أقامت بلدية الحامة هذا النصب التذكاري تخليدا لذكرى الشهيد محمد الدغباجي الذي كتب صفحات ناصعة في البطولة والكفاح لمقاومة المستعمر. ولد سنة 1885 بالحامة واستشهد رميا بالرصاص في غرة مارس 1924 بهذه الساحة”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.