انطلقت صباح الجمعة بقمرت (الضاحية الشمالية للعاصمة)، أشغال المنتدى الدولي الثالث للحوكمة حول موضوع “أهمية الحوكمة الرشيدة في الحفاظ على التراث المادي”، وتتواصل إلى يوم 24 مارس الحالي.
ويتنزل هذا المنتدى، الذي تنظمه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسسكو” بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ووزارة الشؤون الثقافية، في إطار إعلان الايسسكو 2019 سنة التراث في العالم الإسلامي، وذلك تنفيذا لقرار المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الثقافة الذي أقيم بالعاصمة السودانية الخرطوم في شهر نوفمبر من سنة 2017، فضلا عن الاحتفاء بتونس عاصمة للثقافة الإسلامية هذه السنة عن المنطقة العربية.
وفي كلمة ألقاها نيابة عن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، أكد رئيس الدائرة القانونية برئاسة الجمهورية خير الدين بن سلطان، على أن الدولة التونسية تولي أهمية بالغة للمحافظة على التراث الذي تزخر به البلاد، من معالم تعود لعديد الحضارات التي تعاقبت على تونس، مشدّدا على أهمية الحفاظ على التراث لترسيخ الهوية الوطنية لدى مختلف الفئات.
وذكّر بإدراج تونس لعدد من المعالم الأثري على لائحة التراث المادي لليونسكو، مضيفا أن تونس اهتمت كذلك بالإطار التشريعي للمحافظة على التراث، على غرار إصدار مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية، وكذلك التنصيص على أهمية التراث في توطئة دستور 27 جانفي لسنة 2014، وكذلك في الفصل 42 منه الذي ينص على أن الدولة تحمي الموروث الثقافي.
وجاء في كلمة رئيس الدولة أيضا أنّ حماية المخزون التراثي عمل مضنٍ لما يتعرّض له التراث من ممارسات غير شرعية تمس من المحافظة عليه رغم اختلاف الهياكل التي تمّ إحداثها لحمايته.
واقترح رئيس الجمهورية في هذا السياق، تشديد العقوبات الجزائية والمالية على المخالفين، واعتبار جرائم الاعتداء على المواقع الأثرية لا تسقط بالتقادم مثلها مثل جرائم الحرب، فضلا عن التشجيع على بعث الجمعيات التي تُعنى بحماية التراث وجمعيات صيانة المدن العتيقة.
وقال المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عبد العزيز بن عثمان التويجري إن الايسسكو بوّأت التراث ضمن أولويات عملها، مبرزا حرص هذه المنظمة على تفعيل مضامين أشغال المنتديات وورشات العمل التي تنظمها لفائدة المؤسسات ذات الصلة بحماية التراث.
وعدّد التويجري في كلمته، تنوع التراث الثقافي والطبيعي الذي تزخر به الدول الإسلامية. وأبرز أن الحضارة العربية والإسلامية أنتجت تراثا غزيرا ومتنوعا، داعيا إلى تعميق الوعي بأهمية حمايته والمحافظة عليه.
وتحدّث عن افتقار بعض المعالم الإسلامية للحماية من الكوارث الطبيعية والسرقة والاتجار غير المشروع بها، مع غياب آليات لحمايتها عموما. وعبّر عن أمله في تعزيز ثقافة الحوكمة الرشيدة وحماية الإرث الإسلامي من الاندثار.
ومن جهته، دعا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب إلى العمل على توعية المواطن بأهمية الإرث الإنساني والمحافظة عليه. وأكد على تدعيم تبادل التجارب والخبرات في مجال التشريعات بين مؤسسات الاختصاص في الدول الإسلامية.
واستعرض شوقي الطبيب إحصائيات أممية عن الانتهاكات التي طالت عديد المعالم الأثرية في كلّ من سوريا والعراق، والتعدّي عليها من قبل أطراف متشددة.
وشدّد وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين على أهمية جعل الثقافة من أولويات العمل السياسي، قائلا “لا بدّ من توفر إرادة حقيقية في الإصلاح الثقافي وإسناد المبادرات الثقافية”.
واقترح إدراج الثقافة في المناهج التربوية للتوعية بأهميتها في الفعل الإنساني.
ويهدف هذا المنتدى، إلى التأكيد على أهمية نشر ثقافة الحوكمة الرشيدة، وذلك عبر المؤسسات الحكومية التربوية والثقافية، وكذلك عبر هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص والإعلام.
وتهدف أشغال المنتدى أيضا إلى التوعية بضرورة صياغة نظم وتشريعات ومسارات ومؤشرات وطنية وإقليمية ودولية تكرس الحوكمة في المحافظة على التراث المادي، وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بشأنها.
وعلى مدى ثلاثة أيام سيحث المشاركون في هذا المنتدى مجموعة من المحاور تتعلّق بالإطار التشريعي والترتيبي لحماية التراث المادي، وتقديم مقاربات بشأن إدارة التراث المادي وكذلك عملية جرد التراث وحفظه وصيانيته وتثمينه.
وسيتطرّق المشاركون أيضا إلى دور البرلمانيين والبلديين في حماية التراث، فضلا عن تقديم آليات حماية التراث المادي واسترداده خلال الحروب والأزمات، بالإضافة إلى تقديم جملة من التوصيات تتعلّق بحوكمة أفضل لمسارات حماية التراث المادي.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.