تحيي تونس اليوم مع سائر دول العالم بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي مثّل اعتماده في مثل هذا اليوم من سنة 1948 حدثا بارزا في تاريخ البشرية، ليصبح بذلك الهدف الأساسي الذي تسعى جميع الشعوب إلى بلوغه، باعتباره ميثاقا عالميا يحمي كرامة الإنسان ويصونها ويقف حاجزا منيعا أمام كل التجاوزات والانتهاكات.
وتعتبر هذه الذكرى مناسبة تؤكّد فيها تونس التزامها الثابت بالقيم والمبادئ النبيلة التي كرستها هذه الوثيقة التاريخية التي جعلت من حقوق الإنسان إرثا مشتركا للبشرية جمعاء، كما تجدِّد تشبّثها الراسخ باحترام حقوق الإنسان في جميع أبعادها جاعلة من تجسيدها عملها اليومي الدؤوب : تلك هي رؤية تونس التي شكّلت المقوِّم الأساسي لعضويتها في مجلس حقوق الإنسان وهي انعكاس لتطلعات الشعب التونسي المشروعة في إرساء دولة القانون والمؤسسات.
ومن هذا المنطلق، فإنّ تونس، بحكم إيمانها بكونية حقوق الإنسان وشموليّتها، تعمل على تعزيز مكاسب الانتقال الديمقراطي والآفاق الرحبة التي فتحها في مجال حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة بفضل إرادة شعبها وتوقه إلى الكرامة والحرية وما بلغه من نضج ووعي يجسّمان تطلّعاته إلى حياة أرقى.
لقد كرّس دستور جانفي 2014 هذه المبادئ ضمن تصور شامل ومتكامل أسهم في تجذير انخراط تونس في المنظومة الأممية لحقوق الإنسان وترسيخ مقومات مجتمع ديمقراطي حداثي تُصان فيه الحقوق والحريات الأساسية وتُحترم فيه كرامة الذات البشرية.
وعملت تونس على تعزيز منظومة حقوق الإنسان في التشريع والممارسة في إطار تعاون وثيق ومثمر بينها وبين الأمم المتحدة وآلياتها المعنية بحقوق الإنسان والمنظّمات غير الحكومية. فقد اعتمدت بلادنا في السنوات الاخيرة سلسلة من القوانين الأساسية في مجال حقوق الإنسان على غرار قانون القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة وقانون مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري في إطار مسار تشاركي يضمّ جميع مكوّنات المجتمع لقي ترحيبا دولي في تماهٍ تام مع مسار الانتقال الديمقراطي، فضلا عن مواصلة استكمال إحداث الهيئات الدستورية والقيام بالإصلاحات بما يتناسب مع انخراطها في منظومة حقوق الإنسان الأممية.
إنّ عزم تونس متواصل على مزيد تجذير الدّيمقراطيّة وتكريس حقوق الإنسان رغم كلّ الصّعوبات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التّي تواجهها والتي تشكّل اليوم التحدّي الأكبر لإنجاح مسار الانتقال الدّيمقراطي.
وإذ توفّقت بلادنا في إجراء أول انتخابات بلدية ديمقراطية وشفافة سعيا منها إلى تعزيز الديمقراطية المحليّة كأحد روافد التنمية المحلية، فإنّها تستعدّ اليوم لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة سنة 2019، من شأنها أن ُتسهم في مزيد تعزيز المسار الديمقراطي الذي انخرطت فيه منذ سنة 2011 وتكريس التداول السلمي على السلطة.
وإيمانا منها بحقّ الشعوب في تقرير مصيرها، تنتهز تونس هذه المناسبة لتؤكد من جديد دعمها الثابت والمبدئي للقضية الفلسطينية العادلة ولسعي الشعب الفلسطيني المشروع إلى استرداد جميع حقوقه الوطنية و غير القابلة للتصرف.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.