حذر الخبير في البيداغوجيا الرقمية نور الدين بن حميدة ،اليوم الأحد ، من تداعيات تضاعف اقبال التلاميذ على الشاشات ،جراء الزمن المدرسي الاستثنائي الذي حتم على التلاميذ الدراسة يوم بيوم ،داعيا الأولياء و المربين الى استنباط الآليات الكفيلة بمساعدتهم على حسن استثمار أوقات فراغهم.
ولفت الخبير،في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، الى أن حاجة التلاميذ المتزايدة الى ملء أوقات فراغهم المتضاعفة غالبا ما تدفعهم الى الاقبال أكثر فأكثر على الشاشات سواء أكانت في شكل تلفاز أو هواتف ذكية أو حواسيب أو غيرها،باعتبار أن الوضع الصحي العام بالبلاد قد أجبرهم على التنازل عن العديد من الطرق الأخرى للترفيه عن النفس ودفعهم الى ملازمة بيوتهم في أغلب الأوقات.
وما يزيد الأمر تعقيدا ، وفق الخبير ،هو أن التلاميذ يستهلكون جل المواد والأخبار و المناشير المعروضة في التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي بغض النظر عن مدى صحتها وتدني مستواها وتأسيسها للعنف و الانحطاط الأخلاقي و الحث على الكراهية دون أي مراعاة للحاجيات الحقيقية للأطفال الذين يفتقرون القدرة على التمييز بين الغث و السمين منها فيتحولون الى مستهلكين غير واعيين وغير فاعلين يسهل التأثير عليهم وتوجيههم.
ومن مجرد مستهلكين سلبيين لكل ما توفره الشاشات من مواد و ألعاب الالكترونية وبرامج و مواقع يتحول الأطفال بسبب تضاعف الأوقات التي يخصصونها لهذه المتابعات الى مدمنين حقيقيين فتظهر سريعا بعدها عليهم علامات التبلد الذهني وتشتت الانتباه و عسر التركيز.
وأشار الخبير الى أنّه في فرنسا أثبتت الإحصائيّات أنّ نسبة اضطرابات السلوك لدى الأطفال عموما قد ارتفعت من تلميذ واحد على 5 الاف تلميذ سنة 1975 سنة ظهور التّلفاز، إلى تلميذ واحد على 66 تلميذ سنة 2014، أي إنّ معدّل الارتفاع كان بنسبة 600 بالمائة في ظرف 40 سنة. ولذلك لا يكاد اليوم يخلو قسم من أقسامنا من تلميذ يعاني من الاضطرابات بشتّى أنواعها، والعدد قابل للزّيادة، وفق تقديره.
ودعا الخبير الأولياء الى تمكين أبنائهم من الاقبال على الشّاشات لأوقات قصيرة تتفاوت حسب السنّ لكنّها في كل الأحوال تكون تحت مراقبة الوليّ وبحضوره، موصيا بضرورة مناقشة الطّفل في كلّ ما يشاهده مناقشة إيجابيّة من شأنها أن تحصّنه ولا تشعره بالحرمان، فضلا عن حثه على تخصيص جزء من وقته للتعلم الذاتي واستثمار التكنولوجيات الحديثة لدعم مكتسباته العلمية.
و أوصى الخبير الأولياء و المدرسين كل حسب موقعه بتحمل مسؤولياتهم في توجيه التلاميذ ومساعدتهم على حسن استثمار أوقات فراغهم وتحويلها الى فرصة لتدارك بعض الثغرات البيداغوجية حسب برنامج مضبوط يوضع بصفة تشاركية بين التلاميذ ومدرسيهم يكون تحت اشراف الأولياء ، مشددا على أنه على المدرّس أن يراجع دوره الذي كان يتوقف عند تقديم الدّرس بشكل مباشر فيطوره ويطوعه حتى يتماشى مع الزمن المدرسي الاستثنائي.(وات)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.