احتضنت مدينة صفاقس، الخميس، منتدى حول “آليات تمويل التنمية الجهوية” بمبادرة من برنامج “إرادة” لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة بتونس بالشراكة مع منتدى العمل والتنمية بصفاقس “بيت الخبرة” والاتحاد الأوروبي.
وشهد المنتدى مشارك ثلة من الخبراء والباحثين ورجال الاقتصاد وممثلي مكونات المجتمع المدني المهتمين بالقضايا التنموية، والذين يمثلون عديد الهياكل الاقتصادية والعملية والمهنية التونسية والأجنبية على غرار مكتب الاستشارات العالمي “ترانستاك” المختص في التنمية المستدامة وفق مقاييس الحوكمة، والبنك الأوروبي لاعادة الاعمار والتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار والقطب التكنولوجي بصفاقس وصندوق الودائع والأمانات وجامعة صفاقس وغيرها.
ويشمل برنامج “إرادة”، الذي يمتد على 48 شهرا تنتهي موفى 2019، وخصصت له اعتمادات تناهز 34 مليون أورو، م 8 ولايات من بينها صفاقس.
ويرتكز البرنامج على ثلاثة محاور أساسية هي القطاع الخاص وقطاع التكوين المهني وتشريك الفاعلين الجهويين في الشأن الاقتصادي. ويهدف الى تدعيم القطاع الخاص في التنمية وتحسين جودة وديمومة التكوين المهني ومرافقة المشاريع لتلبية احتياجات سوق الشغل وضمان استمرارية مساهمة المتدخلين الجهويين في تنمية القطاع الخاص وحوكمة التكوين المهني.
وأوضح الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاقتصادية، رضا السعيدي، في تصريح إعلامي على هامش المنتدى، أنّ مشاركة عدد كبير من المتدخلين والمعنيين بالشّأن التنموي والاقتصادي في هذا اللقاء المندرج ضمن برنامج “إرادة” يسمح بالاطّلاع على التّجارب النّاجحة والأساليب المستحدثة في مجالات التنمية الجهوية بمختلف تفرعاتها ولا سيما التّمويل عبر الشّراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي يتيح فرصا هامة لإنجاز المشاريع الجهوية.
وأشار السعيدي، لدى حديثه عن أهميّة اعتماد صيغة الشراكة بين القطاعين والعام والخاص في إنجاز المشاريع التنموية في الجهات، إلى مشروعي “تبرورة” و المدينة الرياضية المزمع إنجازهما في صفاقس. وقال إنّ هذا الصنف من الشراكات يمكن أن يعطي نفسا جديدا وإمكانيات كبرى للجماعات العمومية المحلية والجهات من أجل التنمية الذاتية وتنفيذ مشاريعها الكبرى والمتوسطة وإدخال ديناميكية تنموية عليها.
يذكر في هذا السياق، أنّ طيفا من المجتمع المدني في صفاقس عبّر في الفترة الأخيرة، عن رفضه لتوخّي الدولة صيغة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إنجاز المشاريع الكبرى في الجهة. واعتبر أن هذه الصيغة هي السبب في تعطل عدد من هذه المشاريع ولا سيما مشروعي “تبرورة” والمدينة الرياضية اللذين تعلّق عليهما الجهة آمالا عريضة منذ سنوات طويلة دون التوصل إلى الإنجاز الفعلي إلى الآن.
وبيّن رئيس الهيئة العامة للشراكة بين القطاعين العام والخاص برئاسة الحكومة، عاطف المجدوب، أنّ اعتماد تمويل المشاريع عبر الشّراكة بين القطاعين العام والخاص يتطلب إعدادا مسبقا يأخذ بعين الاعتبار قابلية المشروع للإنجاز ضمن هذه الآلية. ونبه الى أنّ غياب الاعداد الجيد لهذه العقود، طويلة المدى، قد يجعل منها كارثة يصعب تدارك مخاطرها.
وأفاد أنّ مشروع المدينة الرياضية بصفاقس سيقع إخضاعه إلى هذه الدّراسة المسبقة، التي ستبين مدى وجاهة اعتماد هذه الصيغة من عدمها. ولفت إلى أن الدراسة ستبحث في مدى استجابة السوق المحلية والعالمية لمتطلبات مثل هذه المشاريع.
ولاحظ أنّ عديد المجالات والقطاعات في تونس تحتاج، اليوم، إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص مثل المشاريع الكبرى في الجهات والمسالخ والأسواق البلدية ومآوي السيارات وغيرها من الخدمات التي تمس بشكل مباشر حياة المواطن.
وتناول منتدى “آليات تمويل التنمية الجهوية”، مجموعة من القضايا التنموية من أبرزها “آليات تمويل الشراكة بين القطاعين العام والخاص” و “دور الدولة والبنوك والمستثمرين الخواص في إنجاز مشاريع البنية التحتية الجهوية” و”إعداد الإطار التشريعي الملائم لهذه الشراكة”.
وتطرق موضوع “آليات التمويل الخاص” والتشجعيات المحفزة على التنمية الجهوية في تونس ودور البنوك وشركات المخاطرة ورأسمال التنمية في مرافقة المؤسسات الاقتصادية الجهوية ودعم تموقعها في الأسواق العالمية.
واستأثرت إشكالية دعم الموارد المالية للبلديات والجماعات المحلية باهتمام المشاركين في هذا المنتدى. وتدارس المشاركون، ايضا، دور صندوق التنمية الجهوية في تمويل المشاريع البلدية وتحقيق الاستقلالية المالية لهذه المؤسسات الجهوية في ظل المجلة الجديدة للجماعات المحلية ومسار اللامركزية، الذي شرع في تجسيمه بصورة فعلية منذ ماي 2018 مع أول انتخابات بلدية بعد ثورة 2011.
وسلط المنتدى، من جهة اخرى، الضوء على موضوع هيكلة وتمويل المجمعات المهنية “كلوسترز” ودعم قدرتها على الانتاج المشترك والتعاوني للمشاريع القطاعية المجددة في سياقات التنمية الجهوية وما توفره من مكامن لخلق الثروة والمشاريع ذات القيمة المضافة العالية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.