قالت الأمم المتحدة يوم الأربعاء إن ضربة جوية أصابت مركزا يضم مهاجرين، معظمهم أفارقة، في إحدى ضواحي العاصمة الليبية طرابلس في وقت متأخر من مساء الثلاثاء مما أسفر عن مقتل 44 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 130 آخرين.
وهذا أعلى عدد معلن لقتلى ضربة جوية أو قصف منذ بدأت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر هجوما بريا وجويا قبل ثلاثة أشهر للسيطرة على العاصمة حيث يوجد مقر الحكومة المعترف بها دوليا.
وعبر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة عن إدانته للهجوم وقال في بيان ”هذا القصف يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب“
وأضاف البيان ”عبثية هذه الحرب الدائرة اليوم وصلت بهذه المقتلة الدموية الجائرة الى أبشع صورها وأكثر نتائجها مأسوية“.
وليبيا نقطة انطلاق رئيسية لمهاجرين من أفريقيا يفرون من الفقر والحرب ويحاولون الوصول لإيطاليا عن طريق البحر. لكن خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي، يعترض طريق كثيرين منهم ويعيدهم إلى ليبيا.
ويُحتجز آلاف في مراكز تديرها الدولة في ظل أوضاع تصفها الأمم المتحدة وجماعات حقوقية بأنها غير آدمية في كثير من الأحيان.
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دعت في ماي لإخلاء مركز تاجوراء الذي يضم 600 شخص بعد سقوط قذيفة على بعد أقل من 100 متر منه وإصابة اثنين من المهاجرين.
ويقع المركز الذي يشبه حظيرة طائرات بجانب معسكر من بين عدة معسكرات للجيش موجودة في تاجوراء، التي تقع شرقي وسط طرابلس، والتي كانت هدفا لضربات جوية على مدى أسابيع.
ولا يزال هناك مهاجرون خائفون في المركز بعد الضربة التي دمرته جزئيا. وقال مهاجر من نيجيريا يدعى عثمان موسى ”أصيب بعض الأشخاص وماتوا في الطريق أثناء الهرب، وما زال البعض تحت الأنقاض لذلك لا نعلم ماذا عسانا أن نقول“.
وأضاف ”كل ما نعلمه هو أننا نريد أن تساعد الأمم المتحدة الناس على الخروج من هذا المكان لأنه خطير“.
وتناثرت ملابس وشباشب وحقائب وحشايا على الأرض إلى جانب ما تبقى من أطراف القتلى. وغطت بقع من الدم بعض الجدران.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية في بيان ”زارت فرقنا المركز بالأمس فقط (الثلاثاء) ورأت 126 شخصا في القسم الذي أصيب. من نجوا يشعرون بخوف شديد على حياتهم“.
* هجوم حفتر على طرابلس
وتوقف زحف الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، والمتحالف مع حكومة موازية مقرها في شرق ليبيا، على طرابلس بسبب الدفاعات القوية على مشارف المدينة. وقال الجيش إنه سيبدأ توجيه ضربات جوية مكثفة على أهداف في طرابلس بعد ”استنفاد كل الوسائل التقليدية“ للحرب.
وتسببت محاولات الجيش الوطني الليبي لانتزاع السيطرة على طرابلس في تعطيل جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة لإنهاء الفوضى التي سادت البلاد المنتجة للنفط والغاز منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي.
ودعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة إلى إجراء تحقيق مستقل ومحاسبة الجناة. وقالت الوكالتان التابعتان للأمم المتحدة في بيان مشترك ”إحداثيات مثل هذه المراكز الموجودة في طرابلس معروفة جيدا للمقاتلين، الذين يعلمون أيضا أن هؤلاء المحتجزين في تاجوراء مدنيون“.
وحملت الحكومة المتمركزة في طرابلس في بيان ”مجرم الحرب خليفة حفتر“ مسؤولية الواقعة.
وطالب موسى فقي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بالوقف الفوري لإطلاق النار وإجراء تحقيق مستقل ”لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة المروعة بحق مدنيين الأبرياء“.
ونفى مسؤول في الجيش الوطني الليبي أن تكون قواته استهدفت مركز المهاجرين قائلا إن فصائل متحالفة مع طرابلس قصفته بعد أن نفذ الجيش الوطني ضربة جوية دقيقة أصابت معسكرا.
وفشلت حملة جوية يشنها الجيش الوطني الليبي في انتزاع السيطرة على طرابلس بعد ثلاثة أشهر من القتال، وفي الأسبوع الماضي خسر قاعدة انطلاقه الرئيسية في غريان بعد أن استعادتها قوات طرابلس.
ويتمتع الجانبان بدعم عسكري من قوى إقليمية. ويقول دبلوماسيون إن الجيش الوطني الليبي يحصل منذ سنوات على إمدادات من الإمارات ومصر بينما أرسلت تركيا في الآونة الأخيرة شحنة أسلحة إلى طرابلس لوقف هجوم حفتر.
ويهدد الصراع بتعطيل إمدادات النفط وزيادة الهجرة عبر البحر المتوسط إلى أوروبا وعرقلة خطط الأمم المتحدة لإجراء انتخابات بهدف إنهاء التناحر بين الحكومتين المتنافستين في الشرق والغرب علاوة على إحداث فراغ أمني يمكن للإسلاميين المتشددين استغلاله.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.