رسامان تجاوزا العقد الخامس من عمرهما يصممان لوحاتهما الفنية استعدادا لمعرضهما التشكيلي الخاص، هكذا انطلقت أحداث مسرحية “ممو وشحيمة” في عرضها الأول الذي تم تقديمه مساء أمس الخميس بالمسرح البلدي بتونس العاصمة.
وقد جمع العمل المسرحي اسماء من عمالقة المسرح في تونس وهم كمال التواتي صاحب الفكرة والنص وصلاح المصدق ولسعد بن عبد الله الذي اخرج العمل وشارك في تمثيل جزئه الاخير. ثلاث قامات مسرحية أثثت هذا العرض الذي دام حوالي ساعتين أمام جمهور غفير متعطش للفن الرابع ملأ مقاعد المسرح البلدي العريق.
“ممو” (كمال التواتي) و”شحيمة” (صلاح مصدق) شخصيتان مقربتان جدا تجمعهما علاقة صداقة قوية منذ أربعين سنة تقريبا وقد قررا تتويج علاقتهما المتينة بتنظيم معرض فني مشترك.
يبكيان تارة ويضحكان تارة أخرى مع بعضهما ، تلقى “ممو” درسا قاسيا في الحياة ولم يستطع أن يحقق استقراره المادي والمعنوي فقد قدم محبة وصداقة غير مشروطة لشخص أناني وانتهازي، أما “شحيمة” فهو دائم التفكيرو الانشغال بعائلته وأولاده الذين يتخاصمون من أجل المال والثروة وقد أثقلت هذه المسؤولية كاهله، لكنهما كانا يواسيان بعضهما البعض وكانت قيم الحب والصدق والحنان متجلية في هذه العلاقة المتينة والرائعة.
الملجأ الوحيد بالنسبة لممو وشحيمة للخروج من هذه الأزمات والعقبات هو الفن والعمل من أجل تحقيق هدفهما الذي حلما به منذ صغرهما ومنذ ولعهما بالفن التشكيلي.
وفي خضم استعدادهما لمعرضهما المشترك الذي يعتبر حدثا مهما في حياتهما المهنية والفنية، تطرح الشخصيتان مواضيع مهمة وحساسة عاشتها البلاد التونسية بعد الثورة.
“الديمقراطية”، و”الانتخابات”، و”العمل السياسي”، و”الأحزاب”، كل هذه المسائل والظواهر الاجتماعية التي ظهرت بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في ثورة جانفي 2011، تم تقديمها بطريقة مضحكة وطريفة وموجعة في نفس الوقت، حيث اعتمد الممثلون تقنية الكوميديا السوداء التي جعلت المتفرج في هذه المسرحية يتألم من أجل وطنه الذي يعيش وضعية سياسية واقتصادية صعبة.
شخصية “حمودة ” (الأسعد بن عبد الله) المختصة في تعديل آلة البيانو، كانت حاضرة في أول العرض بصوتها القوي الذي يحيل على الوقار والسكون من وراء الركح ليكون الشخصية الناصحة والمضحكة التي تتدخل لمساعدة شحيمة وممو عند حاجتهما إليه وكان العنصر المفاجئ في الدقائق الأخيرة للمسرحية ظهور حمودة وانضمامه لطاولة العشاء مع الثنائي.
أعادت المسرحية وفق ما صرح به بعض من المتابعين لـ “وات” المتعة الحقيقية للمسرح التونسي، وذلك من خلال حبكة السيناريو والنص وأداء الممثلين الذين اعتبرهم البعض ركيزة من ركائز المسرح على الصعيد الوطني.
وتتواصل العروض القادمة لمسرحية “ممو وشحيمة” يوم الجمعة 21 فيفري الجاري بالمسرح البلدي بتونس في إطار النسخة الحادية عشرة لمهرجان الضحك الذي سينتظم بالمسرح البلدي بتونس من 18 إلى 23 فيفري الجاري.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.