للمرة الأولى منذ 40 عاماً، حضرت نحو 3500 امرأة إيرانية بشكل رسمي ومن دون قيود، مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم من داخل الاستاد الوطني في طهران يوم أمس الخميس.
ويحظر على النساء دخول الملاعب التي تستضيف مباريات كرة القدم للرجال منذ الثورة الإيرانية عام 1979، إذ اعتبر بعض رجال الدين أنه يجب حمايتهن من “الأجواء الذكورية” ومن “رؤية رجال متخفّفين من بعض لباسهم”. لكن السلطات سمحت للأجنبيات بدخول الملاعب في مراحل سابقة، كما دخلت نساء إيرانيات الملاعب بشكل متقطع، إما لمناسبات استثنائية أو بطريقة متخفية لتفادي التعرّض لعقوبات من السلطات المحلية.
مقاعد النساء ممتلئة
وفي ضوء ضغوط من الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” وحملات دعم حقوق المرأة، خصّصت السلطات الإيرانية نحو ثلاثة آلاف تذكرة للنساء لحضور مباراة إيران أمام كمبوديا في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم.
وجلست النساء في منطقة مخصّصة لهن بحماية 150 من عناصر الشرطة الإناث، في استاد آزادي الذي يتسع لأكثر من 70 ألف متفرج، والذي بقيت الغالبية العظمى من مدرجاته خالية من المتفرجين.
وأثار القرار انتقادات البعض ممّن يفضلون فكرة ذهاب المرأة إلى الاستاد برفقة أفراد أسرتها من الرجال. وأظهرت لقطات في مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعات من النساء يصلن إلى الملعب قبل أكثر من ساعتين على موعد انطلاق المباراة.
فرحة عارمة
وبعد سماح السلطات رسمياً للنساء بحضور المباراة المقرّرة مساء الخميس على الملعب الأهم في العاصمة، أقبلت السيدات بشكل كبير على شراء التذاكر. وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن الدفعة الأولى من التذاكر المخصصة للنساء بيعت خلال ساعة من طرحها، كما طُرحت دفعة ثانية ونفذت في وقت سريع أيضاً. وبحسب وكالة أنباء “إيسنا” الإيرانية، بلغ عدد الذكور الذين ابتاعوا بطاقاتهم الإلكترونية 2500 فقط من أصل 70 ألفاً معروضة للبيع.
ولم تخف النساء فرحتهن بأوّل مباراة يتابعنها بهذا الشكل منذ عام 1979، وأطلقن أبواق فوفوزيلا البلاستيكية وحملت بعضهنّ علم بلادهن ووضعن على أكتفاهن وحول رؤوسهن وشاحات بألوانه (أخضر، أبيض وأحمر)، بينما انصرفت كثيرات منهن لالتقاط صور “سيلفي” لتخليد اللحظة.
ووسط ترحيب بالسماح للنساء بمشاهدة مباراة الخميس، ليس واضحاً ما إذا كانت هذه الحالة ستصبح قاعدة في إيران.
وحذّر تقرير نشرته وكالة فارس الإيرانية شبه الرسمية للأنباء النساء اللواتي سيحضرن مباراة الخميس من احتمال سماع ألفاظ نابية أو حتى تعرّضهن للعنف.
“حرية من دون قيود”
واحتلّت الخطوة صدارة عناوين بعض الصحف الخميس في طهران، إذ عنونت صحيفة “شرق” الإصلاحية “حرية من دون قيود”، علماً أن آزادي هي مفردة تعني “حرية” بالفارسية. وخصّصت صحيفة “سازندكي” صفحتها الأولى لصورة مشجعتين مع عنوان “سيدات الحرية”.
وكان الاتحاد الدولي كثّف ضغوطه على إيران للوفاء بالتزاماتها والسماح للنساء بحضور مباريات تصفيات كأس العالم، عقب وفاة سحر خضيري الشهر الماضي، بعدما أشعلت النار في جسدها احتجاجاً على القبض عليها لمحاولتها حضور مباراة. لكنّ المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي أكّد في تغريدة عبر موقع “تويتر” أن “حضور النساء في الملاعب يعود إلى المطالب الاجتماعية المحلية ودعم الحكومة لتلك المطالب”، وليس “للضغط الخارجي”.
وأُطلق على خضيري اسم “الفتاة الزرقاء” بسبب ألوان قميص ناديها المفضّل “الاستقلال”، وكانت تخشى أن يُحكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر لمحاولتها دخول استاد متنكرة في زي رجل. وحثّ رئيس “الفيفا” جياني إنفانتينو إيران على السماح للنساء بحضور جميع المباريات وليس فقط مباريات تصفيات كأس العالم.
وفي بيان الأربعاء، اعتبرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” أن العدد المحدود للتذاكر المخصّصة للنساء يُعدّ بمثابة “حملة دعائية” لإيران، داعيةً السلطات إلى “رفع كل القيود عن حضور النساء مباريات كرة القدم، بما فيها مباريات الدوري المحلي، في مختلف أنحاء البلاد”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.