◄ 1250 م. د مداخيل النفط والغاز.. 1389 م. د عائدات المساهمات.. 150 م. د مداخيل الأملاك المصادرة و300 م. د هبات خارجية
أحالت حكومة يوسف الشاهد بداية الأسبوع الماضي مشروعي قانون المالية والميزانية لسنة 2020 إلى مجلس نواب الشعب بعد أن صادق عليهما مجلس الوزراء في الآجال الدستورية. وفي قراءة أولية لمشروع قانون الميزانية وأرقامه، نلاحظ أن ميزانية الدولة التونسية لسنة 2020 قدر حجمها بـ47 مليار و227 مليون دينار أي بزيادة 9.5 بالمائة عن ميزانية سنة 2019 وهو ما يعني زيادة بـ4106 مليار دينار بالنظر إلى النتائج المحينة لسنة 2019.
وبالنظر إلى حجم الميزانية، فان تعبئتها تستدعي اللجوء إلى الاقتراض بما قيمته 11248 مليون دينار منها 2400 مليون دينار اقتراض داخلي والبقية إلى اقتراض خارجي.
وعلى هذا الأساس، من المنتظر أن يبلغ حجم الدين العمومي 74 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي نهاية 2020 مقابل على التوالي 75 بالمائة منتظرة في موفى سنة 2019 و77 بالمائة مسجلة في 2018 .
ولتحديد تقديرات حجم الميزانية، اعتمدت الحكومة التونسية على جملة من الفرضيات الأساسية تتعلق بالنتائج المحينة لكامل سنة 2019 على ضوء النتائج المسجلة خلال الثمانية أشهر الأولى من السنة الجارية.
هذا إلى جانب الاعتماد على تطور مختلف المؤشرات الاقتصادية منها بالخصوص وضع نسبة نمو بـ2.7 بالمائة بالأسعار القارة مقابل 1.4 بالمائة محينة لكامل سنة 2019 علاوة على اعتماد معدل سعر برميل النفط الخام من نوع «البرنت» بـ65 دولار للبرميل لكامل السنة وتطور واردات السلع بنسبة 9 بالمائة مقابل 9.7 بالمائة محينة لسنة 2019.
لكن الملاحظ أن تقديرات حجم ميزانية الدولة لهذا العام لم تفصح مرة أخرى عن سعر صرف الدينار وذلك للسنة الثالثة على التوالي.. ويرجح أن يكون سبب الاحجام هو التصدي للمضاربات الممكنة وهو إجراء أعطى أكله في السنتين الماضيتين مما انعكس ايجابيا على سعر صرف الدينار خاصة خلال سنة 2019 التي شهد فيها سعر الأورو خاصة وكذلك الدينار انخفاضا ملحوظا.
الجباية والاقتراض أبرز موارد ميزانية الدولة
ومن المنتظر أن تتأتى مداخيل الميزانية في العام المقبل من تطور المداخيل الجبائية بـ 9.2 بالمائة لتبلغ 31759 م د موزعة على الأداءات المباشرة لحد 13662 م د والأداءات غير المباشرة لحد 18097 م د مع تعبئة 3800 م د بعنوان مداخيل غير جبائية تنقسم إلى 1250 م د بعنوان مداخيل النفط والغاز و1389 م د بعنوان عائدات المساهمات و150 م د بعنوان مداخيل الأملاك المصادرة إلى جانب تعبئة 300 م د من الهبات الخارجية.
الأجور والدعم أبرز نفقات التصرف
ومن جهة أخرى تقدر نفقات التصرف لسنة 2020 بقيمة28263 مليون دينار بزيادة بنسبة 5.1 بالمائة بالمقارنة مع النتائج المحينة لسنة 2019 وتتوزع النفقات على 19030 م د بعنوان نفقات التأجير وهو ما يمثل نسبة 15.2 بالمائة من الناتج الداخلي المحلي الإجمالي مقابل 17165 مليون دينار أو15 بالمائة من الناتج محينة في 2019 و4180 مليون دينار بعنوان نفقات الدعم يهم دعم المواد الأساسية (1800 مليون دينار) ودعم المحروقات والكهرباء (1880 مليون دينار) ودعم النقل العمومي (500 مليون دينار).
ورصد مشروع الميزانية مبلغ 6900 مليون دينار بعنوان نفقات التنمية وتسديد مبلغ 11678 مليون دينار بعنوان خدمة الدين العمومي وتخصيص 767 مليون دينار لمجابهة النفقات الطارئة. ويقدر عجز الميزانية لسنة 2020 بـ3782 مليون دينار أو 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4071 مليون دينار أو 3.5 بالمائة محينة لسنة 2019 و4.8 بالمائة سنة 2018 وهو ما سيمكن من مواصلة التخفيض في نسبة الدين العمومي.
ميزانية المخاطر
وبالنظر إلى أبرز ما جاء في مشروع ميزانية الدولة التونسية للعام 2020، يمكن اعتبار أن المشروع يكتنز في طياته جملة من المخاطر لعلّ أبرزها أن كتلة الأجور الموجهة إلى الموظفين التونسيين ستبلغ حوالي 42 % من ميزانية الدولة، أي حوالي 20 مليار دينار تونسي.
كما أن الأرقام أظهرت كذلك الارتفاع الكبير في كتلة الأجور لتصل إلى حوالي 20 مليار دينار تونسي. وبالإضافة إلى كتلة الأجور، ستجد الدولة نفسها مجبرة على تخصيص حوالي 12 % من الميزانية لدعم بعض المواد الغذائية الأساسية والمحروقات والخدمات ذات الصلة بالنقل. ووفقا لهذه النسبة، فإن المبلغ الإجمالي الذي سيتم تخصيصه لمنظومة الدعم سيصل إلى حوالي 5.5 مليار دينار تونسي. وهذا الرقم مرشح للارتفاع اعتبارا لتأرجح سعر برميل النفط العالمي المرتبك أساسا بالأوضاع الجيوسياسية الدولية.
دوامة التداين الخارجي
أما فيما يخص باب التداين الخارجي، فيبلغ حجم الديون الخارجية المستحقة في العام 2020 حوالي 12 مليار دينار تونسي، أي حوالي 25% من إجمالي ميزانية الدولة التونسية في العام 2020، منها 3 مليار دينار تونسي من السوق الداخلية و9 مليار دينار تونسي من السوق العالمية.
كما أن الأرقام تؤكد التوجه مجددا نحو التداين دون توجيه أموال الاقتراض نحو التنمية والاستثمار وهو ما يعني أن الديون الجديدة ستذهب مرة أخرى للتأجير وخلاص الديون القديمة وفوائدها.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن حجم الديون الخارجية المتخلدة بذمة الدولة التونسية قد بلغت 34.6 مليار دولار أمريكي، أي حوالي 97 مليار دينار تونسي، بحسب آخر تقرير نشره البنك الدولي بشأن التداين الخارجي عبر العالم في شهر أكتوبر 2019.
بحسب الأرقام التي كشفت عنها الحكومة التونسية، ستبقى نسبة التداين الخارجي في بلادنا مرتفعة جدا. ورغم إن الديون التونسية ستنخفض بحوالي 3 مليار دينار تونسي مقارنة بالعام 2019، نتيجة للاقتراض الداخلي، إلا إنها لن تقلّ عن 33.5 مليار دولار أمريكي مع نهاية العام 2020، أي أكثر من 93 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي (PIB) للبلاد التونسية. وتعتبر هذه النسبة مرتفعة جدا وذات تأثيرات سلبية كثيرة على المشهد التنموي التونسي، حيث بيّنت بعض الدراسات ذات الصلة أن تجاوز دول مثل تونس نسبة التداين الخارجي بنقطة واحدة فوق نسبة 77 % من الناتج المحلي الإجمالي (PIB) قد يؤدي إلى خسارة حوالي 1.7 % من نسبة النمو الاقتصادي سنويا.
ضعف موارد التنمية
بالإضافة إلى النفقات الخاصة بالأجور والدعم والتداين الخارجي، ستخصص الحكومة التونسية حوالي 13 % من الميزانية، بما قيمته تقريبا 6 مليار دينار تونسي، للمشاريع والمبادرات التنموية يمكن أن لا تتحقق ويمكن أن يلحق جزء منها بمصاريف الطوارئ. أما فيما يخص بقية النفقات، فستخصص بلادنا ما نسبته 8 % من الميزانية، وهو ما يعادل تقريبا 4 مليار دينار تونسي، لتوفير التمويل اللازم لتغطية نفقات الهياكل العمومية.
ببعض من العمق في قراءة البيانات التي كشفت عنها الحكومة التونسية، يتبيّن أن المصاريف المخصصة للتنمية لن تتجاوز الـ6 مليار دينار.
وبالنظر إلى كل هذه الأرقام وما جاء في مشروع قانون الميزانية لسنة 2020، فان نسبة النمو في العام 2020 لن تتجاوز الـ2 %، وهي نسبة تبقى ضعيفة ولن تمكن من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة خاصة في ظل سقف طموحات سياسية عالية بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية وحكومة جديدة يبدو أنها لن تكون قادرة على تلبية الأدنى.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.