وسط غموض سياسي وتخوفات من تعليق صرفها.. ما مصير بقية أقساط قرض صندوق النقد الدولي؟

بالرغم من وعي العديد من التونسيين بخطورة الاقتراض الذي دأبت عليه الدولة منذ سنوات في ما يتعلق بارتفاع المديونية والتبعية المالية للمؤسسات المالية المانحة، إلا أن إمكانية تعطل حصولنا على قروض جديدة وتمويلات أثار قلق المراقبين في الشأن المالي والاقتصادي باعتباره الحل الأوحد في الوقت الراهن لتمويل الميزانية العامة وتغطية العجز الحاصل فيها، خاصة بعد تداول أخبار في اليومين الأخيرين حول تراجع صندوق النقد الدولي عن صرف بقية أقساط القرض الممدد.

حيث تواترت أخبار مفادها تعليق هذه المؤسسة المالية صرف الدفعيتين السادسة والسابعة من القرض بسبب تعطل الإصلاحات المتفق عليها بينها وبين الدولة التونسية، في حين اعتبرتها سلطة الإشراف والممثلة في وزارة المالية بأنها مجانبة للصحة خاصة المعاملات مع الصندوق تسير بنسقها العادي ولم يعلن من جهته أي قرار بشان هذه المسالة وخير دليل على ذلك هو اللقاء الأخير الذي جمع الطرف التونسي بوفد من الصندوق بمناسبة المصادقة على قانون المالية لسنة 2020 خلال الشهر الجاري، حسب تعليل الوزارة.
كما لم يلفت الصندوق في بيانه الأخير النظر إلى هذه المسالة ولم يعبر عن تخوفه من الجانب التونسي بالرغم من تحذيره من مغبة تواصل تزايد حجم كتلة الأجور في قانون المالية الجديد باعتبارها من أهم النقاط المتفق عليها في برنامج القرض الممدد.
بالمقابل، عبر العديد من المتدخلين في الشأن الاقتصادي عن قلقهم من الانعكاسات السلبية لتفاقم كتلة الأجور، التي تستحوذ على 40 بالمائة من نفقات الدولة، على تعاملات تونس مع صندوق النقد الدولي الذي دعاها إلى مراجعة سياساتها منذ سنة 2018 على هذا المستوى.
كما يعد ارتفاع كتلة الأجور التي حددت في قانون المالية لسنة 2020 بـ 20 مليار دينار، بعد أن كانت في حدود الـ19 مليار دينار في سنة 2019، من أهم النقاط الخلافية بين الدولة والمؤسسة المالية المانحة.
وهذا الارتفاع يعتبره الصندوق أمرا يشكل عبئا ثقيلا على الدولة التونسية والاقتصاد الوطني، باعتبار أنها تمثل  40 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وهي نسبة خطيرة، مقارنة بالمعدل الطبيعي لكتلة الأجور في العالم الذي لا يتجاوز 20 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي.
ويبدو أن هذا الإشكال انضاف إليه فشل رئيس الحكومة المكلف في تشكيل حكومته الجديدة مما سيؤثر سلبيا على التوازنات المالية للبلاد وخاصة على تعهداتنا المالية مع المؤسسات المالية المانحة، على غرار تعطل صرف بقية أقساط قرض صندوق النقد الدولي الذي تعول عليه بلادنا في تمويل ميزانيتها لسنة 2020.
كما أن هذه الإشكاليات قد تعطل تعبئة موارد جديدة كانت قد حددتها الدولة في قانون المالية لسنة 2020 بما يناهز الـ11248 مليون دينار منها 2400 مليون دينار، اقتراض داخلي والبقية في حدود الـ9 مليون دينار باللجوء إلى الاقتراض الخارجي.
وبالتالي فان أي فشل في تعبئة موارد جديدة لتمويل الميزانية العمومية، سيكون له تبعات وخيمة على التوازنات المالية للبلاد بما يستدعي التسريع في تشكيل الحكومة الجديدة للمضي قدما نحو الانكباب على فض كل الإشكاليات والملفات الحارقة حتى تحافظ الدولة على كل تعهداتها الدولية.
وحول الأقساط التي تنتظر بلادنا تسريحها في الأشهر القادمة تخص جملة التمويلات التي تندرج في إطار عقد «تسهيل الصندوق الممدد» بقيمة 2.9 مليار دولار أمريكي لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي وضعته الحكومة ويمتد على 4 سنوات وتحصلت تونس إلى حد الآن على ما قيمته 628.8 مليون دولار أي ما يعادل الـ2.47 مليار دينار..
وكان آخر قسط منحه الصندوق في شهر جوان من السنة الجارية بعنوان القسط السادس من القرض الممدد بقيمة 245 مليون دولار أي ما يعادل الـ 730 مليون دينار تونسي.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.