أجراس الخطر تدق من جديد.. عودة إلى مربع العنف و«الاغتيالات»

تشهد‭ ‬تونس‭ ‬اليوم،‭ ‬بعد‭ ‬9‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬الحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬وثلاث‭ ‬انتخابات‭ ‬تشريعية،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬انتظار‭ ‬تركيز‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة‭ ‬طال‭ ‬انتظارها،‭ ‬عودة‭ ‬إلى‭ ‬مربع‭ ‬العنف‭ ‬وخطابات‭ ‬الكراهية‭ ‬والتهديد‭ ‬بالاغتيالات،‭ ‬ولعل‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬سجلناه‭ ‬إحباط‭ ‬مُخطط‭ ‬لمحاولة‭ ‬اغتيال‭ ‬أرملة‭ ‬الشهيد‭ ‬محمد‭ ‬البراهمي،‭ ‬مباركة‭ ‬عواينية،‭ ‬وإعلان‭ ‬رئيسة‭ ‬الحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬الحر‭ ‬عبير‭ ‬موسي‭ ‬أنها‭ ‬مُهددة‭ ‬بالاغتيال‭…‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تحدّثت‭ ‬‮«‬الصباح‭ ‬الأسبوعي‮»‬‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬والخبراء‭ ‬في‭ ‬المجال،‭ ‬أجمعوا‭ ‬تقريبا‭ ‬على‭ ‬تأثير‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬ومساهمته‭ ‬في‭ ‬‮«‬عودة‭ ‬مربع‭ ‬العنف‮»‬‭…‬

‮«‬الإرهاب‭ ‬التكفيري‮»‬‭ ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬قال‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬التيار‭ ‬الشعبي‭ ‬زهير‭ ‬حمدي‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬الإرهاب‭ ‬التكفيري‭ ‬ارتبط‭ ‬بمرحلة‭ ‬انطلاق‭ ‬‮«‬الربيع‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬مُشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الجماعات‭ ‬الارهابية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وظيفتها‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأجندة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عدم‭ ‬إنجاح‭ ‬المسار‭ ‬الثوري‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬وإنهاك‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‮»‬‭.‬

واعتبر‭ ‬زهير‭ ‬حمدي‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬تستفيد‭ ‬واستفادت‭ ‬من‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬كانت‭ ‬تحكم‭ ‬ومازالت‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬تماس‭ ‬مع‭ ‬المشروع‭ ‬الاستعماري‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬قال‭: ‬‮«‬هنالك‭ ‬محاولات‭ ‬للعودة‭ ‬لمربع‭ ‬2012‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬وتواجد‭ ‬تمثيلية‭ ‬لبعض‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬مثل‭ ‬روابط‭ ‬حماية‭ ‬الثورة‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‮»‬،‭ ‬مُعتبرا‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬ظهور‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬الإرهاب‭ ‬التكفيري‮»‬‭ ‬أو‭ ‬اختفاؤُه‭ ‬رهين‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬الموجود‭ ‬على‭ ‬الأرض‮»‬‭.‬

وشدّد‭ ‬حمدي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬توحّد‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬البلاد،‭ ‬داعيا‭ ‬التونسيين‭ ‬إلى‭ ‬الانتباه‭ ‬واليقظة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تلحق‭ ‬تونس‭ ‬بالدول‭ ‬التي‭ ‬سقطت‭ ‬بأيدي‭ ‬الجماعات‭ ‬التكفيرية‭ ‬الإرهابية‮»‬‭.‬

العنف‭ ‬غير‭ ‬مقبول

أمّا‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬سمير‭ ‬ديلو‭ ‬فقد‭ ‬اعتبر‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬مُخطط‭ ‬استهداف‭ ‬أرملة‭ ‬الشهيد‭ ‬محمد‭ ‬البراهمي‭ ‬خطير،‭ ‬وأنّ‭ ‬حديث‭ ‬عبير‭ ‬موسي‭ ‬عن‭ ‬مخططات‭ ‬لاغتيالها‭ ‬كان‭ ‬يتطلب‭ ‬تأكيدا‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مُجرّد‭ ‬حديث‮»‬،‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬الأصل‭ ‬على‭ ‬السياسي‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬الجهات‭ ‬الأمنية‭ ‬والقضائية‭ ‬وان‭ ‬لا‭ ‬يُستعمل‭ ‬ذلك‭ ‬سياسيا‭ ‬او‭ ‬يُوظفه‮»‬‭.‬

وذكّر‭ ‬ديلو‭ ‬بما‭ ‬سُجّل‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬تشابك‭ ‬لفظي‭ ‬بين‭ ‬عائلات‭ ‬شهداء‭ ‬الثورة‭ ‬ونواب‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬الحر،‭ ‬مُعتبرا‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬ما‭ ‬سُجّل‭ ‬يتنزل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬افتعال‭ ‬أزمة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬النهضة‭ ‬ضد‭ ‬استهداف‭ ‬أيّ‭ ‬نائب‭ ‬وخاصة‭ ‬داخل‭ ‬مقر‭ ‬البرلمان،‭ ‬مُستدركا‭ ‬بالقول‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬هنالك‭ ‬حالة‭ ‬التدني‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬والتشنج‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬تولد‭ ‬الارتباك‭ ‬الحاصل‭ ‬حاليا‮»‬‭.‬

وأوضح‭ ‬ديلو‭: ‬‮«‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬خطاب‭ ‬جديد‭ ‬نعيشه‭ ‬مع‭ ‬النائبة‭ ‬الحالية‭ (‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬عبير‭ ‬موسي‭) ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬كتلتها‭ ‬الهدف‭ ‬منه‭ ‬‮«‬ترذيل‮»‬‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬وأن‭ ‬مؤسسات‭ ‬الثورة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭ ‬وان‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬2011‭ ‬صحيح‭.. ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬ويجب‭ ‬ايجاد‭ ‬الحل‭ ‬بالحوار‭ ‬ودون‭ ‬تعطيل‭ ‬دواليب‭ ‬الدولة‮»‬‭.‬

وبخصوص‭ ‬تواجد‭ ‬ممثلين‭ ‬لرابطات‭ ‬حماية‭ ‬الثورة‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬نفى‭ ‬ديلو‭ ‬ذلك‭ ‬ودعا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يُثبت‭ ‬العكس‭ ‬إلى‭ ‬إعلام‭ ‬الجهات‭ ‬الأمنية‭ ‬والقضائية‭ ‬خاصة‭ ‬وانه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هنالك‭ ‬أي‭ ‬وجود‭ ‬لرابطات‭ ‬حماية‭ ‬الثورة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمّ‭ ‬حلها‭ ‬سنة‭ ‬2014‭.‬

ودعا‭ ‬ديلو‭ ‬الجميع‭ ‬الى‭ ‬تغليب‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬واحترام‭ ‬الدستور‭ ‬ونبذ‭ ‬العنف‭ ‬وخطابات‭ ‬الكراهية،‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬غير‭ ‬مقبول‮»‬‭.‬

تركيز‭ ‬أحزاب‭ ‬مدنية

وحسب‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الشعبية‭ ‬المنجي‭ ‬الرحوي،‭ ‬فإنّ‭ ‬‮«‬مربع‭ ‬العنف‭ ‬والاغتيالات‮»‬‭ ‬لم‭ ‬نغادره‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭ ‬حتى‭ ‬يعود‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬مُوضحا‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬مُربع‭ ‬العنف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يهدأ‭ ‬أحيانا‭ ‬يعود‭ ‬للظهور‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أوضاع‭ ‬سياسية‭ ‬وأمنية‭ ‬مُتأزمة‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬الرحوي‭: ‬‮«‬مربع‭ ‬العنف‭ ‬يهدأ‭ ‬بهدوء‭ ‬الاحزاب‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بهذا‭ ‬المربع‭ ‬وتبقى‭ ‬من‭ ‬الورقات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استعمالها‭ ‬كلما‭ ‬دعت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭… ‬ونحن‭ ‬نعتقد‭ ‬ان‭ ‬الوضع‭ ‬اليوم‭ ‬دقيق‭ ‬وحساس‭ ‬وفيه‭ ‬شحنة‭ ‬زائدة‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬وأحزاب‭ ‬منها‭ ‬النهضة‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المسألة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬وهنالك‭ ‬تخوفات‭ ‬كبرى‮»‬‭.‬

واعتبر‭ ‬الرحوي‭ ‬أنّ‭ ‬الحل‭ ‬اليوم‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬‮«‬تركيز‭ ‬أحزاب‭ ‬مدنية‭ ‬ترفض‭ ‬العنف‭ ‬مُطلقا‭ ‬ولا‭ ‬تتعاطى‭ ‬معه‮»‬‭.‬

أهمية‭ ‬تنقية‭ ‬المناخ‭ ‬السياسي

ومن‭ ‬جهته،‭ ‬أكّد‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬التيار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬محمد‭ ‬عبو‭ ‬تطور‭ ‬التعامل‭ ‬الأمني‭ ‬والتوجه‭ ‬نحو‭ ‬العمليات‭ ‬الاستباقية‭ ‬لإجهاض‭ ‬أيّ‭ ‬مُخطط‭ ‬إرهابي‮»‬‭ ‬قد‭ ‬يستهدف‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬المهددة‭ ‬أو‭ ‬البلاد‭.‬

وبيّن‭ ‬عبو‭ ‬أهمية‭ ‬تنقية‭ ‬المناخ‭ ‬السياسي‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬علاقة‭ ‬وطيدة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬عودة‭ ‬مربع‭ ‬العنف‭ ‬والاعتداءات‭ ‬والاغتيالات‭ ‬والإرهاب‮»‬،‭ ‬مُشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّه‭ ‬‮«‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬أوقات‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬مُتأزمة‭ ‬والوضع‭ ‬السياسي‭ ‬غير‭ ‬مستقر‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الإرهابيين‭ ‬لمخططاتهم‮»‬‭. ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬عبو‭ ‬مختلف‭ ‬الأطياف‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬خطابات‭ ‬التحريض‭ ‬والعنف‭ ‬والأحقاد‮»‬‭.‬

على‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬ذاتها

وقال‭ ‬النائب‭ ‬عن‭ ‬حزب‭ ‬تحيا‭ ‬تونس‭ ‬مصطفى‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬إنّ‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مربع‭ ‬العنف‭ ‬مرتبط‭ ‬بالمناخ‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬ضبابية‭ ‬وتعطل‭ ‬لتركيز‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬وظرف‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭ ‬صعب‭.‬

وأشار‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬3‭ ‬أطراف‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬اليوم،‭ ‬الأول‭ ‬يرفض‭ ‬التغيير‭ ‬الحاصل‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬والاعتراف‭ ‬به‭ ‬والثاني‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬احتواء‭ ‬الثورة‭ ‬وفقا‭ ‬لرؤيته‭ ‬وتوجهه‭ ‬عقائديا،‭ ‬والثالث‭ ‬قوى‭ ‬وسطية‭ ‬لم‭ ‬توضح‭ ‬رؤيتها‭ ‬بعد‭ ‬وكأنها‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬ذاتها،‭ ‬مُضيفا‭: ‬‮«‬وهذا‭ ‬المشهد‭ ‬قد‭ ‬يترك‭ ‬العنف‭ ‬يعود‭ ‬بقوة‮»‬‭.‬

واعتبر‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬أنّ‭ ‬الحل‭ ‬اليوم‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬‮«‬خطاب‭ ‬واضح‭ ‬يضع‭ ‬حدا‭ ‬لاستقطاب‭ ‬خطير‭ ‬بين‭ ‬التشبث‭ ‬بالماضي‭ ‬وارتهان‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬الايديولوجيا‭ ‬والدين‭.. ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬المنعرج‭ ‬الخطير‭ ‬جدا‮»‬،‭ ‬وفق‭ ‬قوله،‭ ‬

‭ ‬3‭ ‬حلول‭ ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬قال‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬الجورشي‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬للشبكات‭ ‬الإرهابية‭ ‬استراتيجية‭ ‬أصبحت‭ ‬معروفة‭ ‬لدى‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ولكنها‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬ثغرة‭ ‬أمنية‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬تشعر‭ ‬أن‭ ‬هنالك‭ ‬ارتخاء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬اليقظة‭ ‬الأمنية‭ ‬او‭ ‬تحرك‭ ‬سياسي‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬الراي‭ ‬العام‮»‬،‭ ‬مُشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬تظهر‭ ‬كلما‭ ‬شعرت‭ ‬بأن‭ ‬الوضع‭ ‬مناسب‭ ‬لمحاولة‭ ‬ارباك‭ ‬الوضع‭ ‬العام‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أضاف‭: ‬‮«‬بالنسبة‭ ‬لها‭ ‬الان‭ ‬هنالك‭ ‬انشغال‭ ‬بمسألة‭ ‬الحكومة‭ ‬وثانيا‭ ‬هنالك‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬الجارة‭ ‬ليبيا‭ ‬وبداية‭ ‬سنة‭ ‬ساخنة‭ ‬مع‭ ‬النشاط‭ ‬النقابي‭ ‬والمطالب‭ ‬النقابية‭ ‬وبداية‭ ‬تحركات‭ ‬اجتماعية‭ ‬إذا‭ ‬أضفنا‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬للعنف‭ ‬اللفظي‭ ‬ومحاولات‭ ‬دفع‭ ‬بالبلاد‭ ‬نحو‭ ‬خلخلة‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السياسية‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يعطيها‭ ‬الفرصة‭ ‬لاستئناف‭ ‬نشاطها‭ ‬ومحاولة‭ ‬القيام‭ ‬بعمليات‭ ‬هادفة‭ ‬ومُوجعة‮»‬‭.‬

وأفاد‭ ‬الجورشي‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬مُتيقظة‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تنتظر‭ ‬حدوث‭ ‬الهجوم‭ ‬ولكن‭ ‬تقوم‭ ‬بعمليات‭ ‬استباقية‭ ‬مكنتها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬إجهاض‭ ‬محاولات‭ ‬اغتيال‭ ‬وعمليات‭ ‬إرهابية‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬الجورشي‭ ‬إنّ‭ ‬هنالك‭ ‬3‭ ‬حلول‭ ‬لعدم‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مربع‭ ‬العنف،‭ ‬أولها‭ ‬إعطاء‭ ‬الاولوية‭ ‬لاستئناف‭ ‬نشاط‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬تركيز‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬وثانيها‭ ‬تحمل‭ ‬الأحزاب‭ ‬لمسؤوليتها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬إنقاذ‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬تجاذبات‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬أمنية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬السياسية،‭ ‬وثالثها‭ ‬التعجيل‭ ‬بتحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬اقتصادي‭ ‬ولو‭ ‬نسبي‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬خطيرة‭ ‬اجتماعيا‮»‬‭.‬

العوامل‭ ‬والحلول

ورأى‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬الجماعات‭ ‬الاسلامية‭ ‬علية‭ ‬العلاني‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬هذه‭ ‬الايام‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬لفظي‭ ‬وجسدي‭ ‬وتهديد‭ ‬بالقتل‭ ‬يذكرنا‭ ‬بـ»سنوات‭ ‬الجمر‮»‬‭ ‬أي‭ ‬2012‭ ‬و2013‮»‬،‭ ‬مُشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬4‭ ‬عوامل‭: ‬الأولى‭ ‬غياب‭ ‬ثقافة‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الفرقاء‭ ‬السياسيين،‭ ‬الثانية‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬حادة‭ ‬زادت‭ ‬في‭ ‬منسوب‭ ‬التوتر‭ ‬وأدت‭ ‬الى‭ ‬تخوف‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬عميق‭ ‬مرتقب‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬المقبل‭ ‬سواء‭ ‬قبل‭ ‬انتخابات‭ ‬سابقة‭ ‬لأوانها‭ ‬أو‭ ‬بعدها‭. ‬والثالثة‭ ‬تهديد‭ ‬بالعنف‭ ‬والاغتيال‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬مقدمة‭ ‬لحدوث‭ ‬اغتيالات‭ ‬حقيقية‭ ‬وعمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬وضع‭ ‬محلي‭ ‬وإقليمي‭ ‬متوتر‭ ‬والرابعة‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والتهديد‭ ‬بالقتل‭ ‬ستزيد‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬الثقة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬تيار‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬وروافده‭ ‬لعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬لجم‭ ‬الأجنحة‭ ‬المُتشددة‭ ‬القريبة‭ ‬منه‮»‬‭.‬

وبخصوص‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬لتجاوز‭ ‬كلّ‭ ‬هذا،‭ ‬أفاد‭ ‬العلاني‭ ‬أنّ‭ ‬هنالك‭ ‬حلول‭ ‬عاجلة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لسياسة‭ ‬الافلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬وتحمل‭ ‬كلّ‭ ‬مسؤوليته‭ ‬سواء‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬وزارات‭ ‬السيادة‭ ‬المكلفة‭ ‬بتطبيق‭ ‬القانون‭ ‬كالداخلية‭ ‬والعدل‭ ‬والدفاع‭ ‬محايدة‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬توظيف‭ ‬مع‭ ‬الإسراع‭ ‬بتشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬كفاءات‭ ‬ومستقلة‭ ‬الى‭ ‬نهاية‭ ‬العهدة‭ ‬البرلمانية‭ ‬تكون‭ ‬مهمتها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬إعادة‭ ‬هيبة‭ ‬الدولة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تُجرّم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬رموز‭ ‬الدولة،‭ ‬وكذلك‭ ‬حلول‭ ‬آجلة‭ ‬تتعلق‭ ‬بإحداث‭ ‬تشريعات‭ ‬تنظم‭ ‬عمل‭ ‬الأحزاب‭ ‬وتمنع‭ ‬قيامها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬عرقي‭ ‬او‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬لغوي‭ ‬ومراقبة‭ ‬نشاط‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬والدعوية‭ ‬وتمويلاتها‭ ‬وعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬وطني‭ ‬لمعالجة‭ ‬‮«‬ظاهرة‭ ‬العنف‭ ‬العام‮»‬‭ ‬ومعالجة‭ ‬ظاهرة‭ ‬العنف‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يستمد‭ ‬جذوره‭ ‬من‭ ‬تقسيم‭ ‬ايديولوجي‭ ‬خطير‭ ‬داخل‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‮»‬‭.‬

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.