يصادف اليوم 1 مارس 2021 ذكرى وفاة المناضل مقاوم المستعمر “الدغباجي” وهو محمد بن صالح بن زمزم الدغباجي أصيل بلدة الحامة بالجنوب الشرقي (ولاية قابس حاليا) ينحدر من قبيلة الخرجة وهي فخذ من الأفخاذ الأربعة التي تكوّن قبيلة بني زيد السليميّة، ولد الثائر التونسي الشهير وبطل الجنوب محمد الدغباجي بوادي الزيتون سنة 1885.
تزعم العديد من التنظيمات الجهادية التي قاومت الاستعمار الفرنسي والإيطالي، ومثل بين 1918 و1924 أسطورة حية في البلاد التونسية بعد عمليات عسكرية ناجحة ضد المستعمرين، وفي ماي 1922 قبض عليه في ليبيا من طرف الجيش الإيطالي وسلم إلى القوات المحتلة الفرنسية، وحكم عليه بالاعدام في 27 أفريل 1921، وتم تنفيذ الحكم في 1 مارس 1924 في الحامة أمام أعين أهله.
كان الدغباجي منذ الصغر يستشعر حقدا خاصّا ضدّ الدخيل الجاثم على بلاده، شأنه شأن الكثيرين من أبناء الجنوب، وسائر أبناء تونس، الذين أبو دوما أن يرضخوا للحكم المركزي المجسّم في المظالم، فرفضوا التجنيد في الجيش المستعمر، وثاروا وتمردوا، لم يكن الدغباجي مخططا سياسيا ولا منظرا أو مستهديا بنظرية ثورية، كان يحسب للمعارك كل حسابها، وكان ثائرا ومثالا للفدائي الذائد عن العزّة والكرامة.
أهمّ الوقائع الحربيّة التي شارك فيها الدغباجي
لئن لم يكن لمحمد الدغباجي وقائع مشهورة منذ التحاقه بطرابلس (1915) إلى حدّ دخوله التراب التونسي خفية (صائفة 1918)، إذ غاب ذكر اسمه وطمس الرواة مشاركته وسط مقاومين أكبر منه وأشدّ تمرّسا بالحرب، فإنّ ذلك لا يعني غياب محمد الدغباجي عن أهمّ المعارك التي خاضها ابن عسكر ضدّ الايطاليين مثل معركة ذهيبة (18 23 سبتمبر 1915) وحصار مركز أم صويغ (2 9 أكتوبر 1915) وحصار ذهيبة للمرّة الثانية (20 25 جوان 1916) ثم حصار رمادة (26 و27 جوان 1916).
ما إن تفطّنت السلطة الاستعماريّة إلى تحرّكات الدغباجي حتى أصبحت تطارده من الحدود إلى جبال قفصة، إلاّ أنّ الدغباجي اتّصل بالثائر البشير بن سديرة الهمّامي وهو أيضا من الفارّين من الجنديّة وانتقلا معًا منذ بداية 1919 إلى قابس، وحوصرا بـ”خنقة عيشة” وحدثت معركة بين جماعة الدغباجي والفرقة الفرنسيّة من فرسان الصبايحيّة انتصر فيها الدغباجي ورفاقه وغنموا كميات كبيرة من الأسلحة وأربعة من الخيل، وقد كان هذا الانتصار مؤشرا لسلسلة من المعارك الأخرى.
محاكمة الدغباجي وإعدامه
تمت محاكمة الدغباجي غيابيا يوم 27 أفريل 1921 والقضاء بإعدامه مع جمع من رفاقه، الذين التحقوا بالتراب الليبي، ولكن المستعمر الإيطالي لم يتأخر في القبض عليهم وتسليمهم للسلطات الفرنسية.
وفي غرّة مارس 1924 اقتيد البطل إلى ساحة سوق البلدة حيث أعدم. ويروى أنه رفض العصابة، التي تقدم بها نحوه ضابط فرنسي ليضعها على عينيه، رفضها ساخرا من الموت.
ويروى أن زوجة أبيه زغردت لهذا المشهد، وهتفت عاليا، مباركة شجاعته والشرف الذي نالها منه، وأنه أجابها وهو يبتسم “لا تخشي علي يا أمي فإني لا أخاف رصاص الأعداء، ولا أجزع من الموت في سبيل عزّة وطني..الله أكبر ولله الحمد..”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.