كشفت مصادر إعلامية عن رسالة “داخلية” وجهتها قيادات بارزة في حركة “النهضة” إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي، وطالبته فيها بالعودة إلى سياسة التوافق و”إصلاح” العلاقة مع الرئيس الباجي قائد السبسي، والنأي بالنفس عن الصراع القائم بين رئيس الحكومة ونجل الرئيس التونسي، وعدم الانحياز لطرف دون آخر، محذرة من «إجهاض» مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد. والرسالة نشرها موقع “الرأي الجديد”، وبعثها لطفي زيتون المستشار السياسي للغنوشي ووقعت عليها قيادات بارزة في “النهضة”، حيث أبدى الموقعون “تحفظهم” على السياسات التي تتبعها الحركة في الوقت الحالي، وخاصة بعد إعلان الرئيس التونسي «نهاية التوافق» مع النهضة، بناء على “طلب منها”.
وخاطبوا رئيس الحركة بقولهم «إن مُضي الحركة في هذا الطريق بقيادتكم دون أي تفاهمات ولا عقود ولا تصور واضح للمستقبل ولا تشديد على ضمانات عدم الجور، قد يتسبب في إهدار أهم مكسب للثورة التونسية، بإجهاض الانتقال الديمقراطي الذي نعتبره أولويتنا (…) إن التوافق كما اعتمدناه، كان بالأساس توافقا مع الدولة، ومحاولة تغيير الوضعية التاريخية من التصادم بينهما، إلى التصالح والتفاهم. ولا يفوتكم أن رئيس الجمهورية، هو رمز الدولة دستوريا وواقعيا. وإن المساس بهذا التوافق الذي كنا نعده مصلحة عليا للبلاد والحزب، خروج واضح عن مخرجات المؤتمر العاشر ومقتضيات الخطة السياسية». واعتبر الموقعون أنه «ليس هناك من مخرج من الأزمة السياسية الحالية إلا بالعودة إلى سياسة التوافق، والمحافظة على التوازن بين المؤسسات الدستورية. وهذا يقتضي من الحركة التوقف عن الانخراط في النزاع، والانتصار لطرف على الأخر. والمبادرة من جانبكم بإصلاح العلاقة مع رئيس الجمهورية»، مشيرين إلى أن «نقل الأزمة السياسية إلى البرلمان، مع ما أصبح عليه من التشتت، قد يعطل هذه المؤسسة ويطيح بها، ويحول دون قدرتها على استكمال بناء المؤسسات الدستورية الضرورية لإتمام عملية الانتقال الديمقراطي». وأثارت الرسالة «المُسرّبة» جدلا داخل الأروقة السياسية، حيث اعتبر القيادي في «النهضة» سمير ديلو أن تسريب هذه الرسالة يهدف إلى «الاستقواء على رئيس الحركة وضرب مؤسساتها»، مشيرا إلى أن «مساحة التعبير عن الرأي داخل الحركة مفتوحة للجميع». فيما نشر لطفي زيتون على صفحته في موقع «فيسبوك» صورة تجمعه مع الغنوشي، مع مقتطفات من كتاب «لطفي زيتون: ابن نقابي أصبح نهضويا» للباحث عبد الجليل بوقرة، جاء فيها «لعب الغنوشي – مسلحا بقرار تاريخي شخصي نادر الحصول وهو امتناعه بعد عقود من النضال السياسي الشاق والقاسي عن تولي اي منصب سلطوي، دور الحارس الامين للحرية وهو من كبار منظريها في المعسكر الاسلامي وللوحدة الوطنية ممّا دفعه الى التنازل والمبادرة بمقابلة خصمه الالد والصمود امام دعوات الاقصاء والعزل السياسي لخصومه التاريخيين واخيرا الانسحاب من مواقع السلطة»، في إشارة إلى عدم وجود أي خلاف مع رئيس الحركة. فيما أكد عبد الفتاح مورو نائب رئيس حركى «النهضة» أنه اطلع على الرسالة، لكنه نفى قيامه بالإمضاء عليها، وأوضح بقوله «لا انفي أنّ لي مؤخذات على سياسيات الحركة وهذه المؤاخذات أفضيت بها لقياديين من النهضة من بينهم رئيس الحركة نفسه (..) صحيح أنني اطّلعت على الرسالة لكن لم أمض عليها وأنا أعتقد أنّ أي رسالة لا تصبح ذات قيمة إلاّ بالإمضاء’ (..) إذا فأنا لا أتحمّل مسؤولية ما فيها. وعلاقتي بالنهضة علاقة اتصال مباشر. واستعمال الرسائل ليس أسلوبي». وكان مورو دعا قبل أيام كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحركة راشد الغنوشي إلى «العودة إلى الصواب المصلحي الذي تقتضيه مآلات الوضع في بلادنا»، مؤكدا أن «إزالة التوافق يضعنا أمام حيرة لا موجب لها، وسحب اليد من هذين الطرفين كأنه دعوة إلى الخراب في البلاد”. وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أعلن قبل أيام نهاية التوافق مع حركة «النهضة»، مشيرًا إلى أن الحركة هي التي أرادت ذلك. فيما نفت حركة «النهضة» تنكّرها للعلاقة التي وصفتها بـ»المتينة» التي تربطها بالرئيس التونسي، مؤكدة التزامها بمسار التوافق معه.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.